


عندما تكون Cate Blanchett في قمة مزاجها، لا يُمكن شيئاً أن يردعها - ورؤيتها في هذه الحال هي مشهد رائع بحد ذاته. إنها حالياً في برلين، حيث تصوّر Tàr، فيلم كتبه وأخرجه Todd Field، تؤدي فيه دور قائدة أوركسترا بارزة. تحدثنا مع الممثلة بعد انتهائها من جلسة تصوير مسائية، وقد منحناها بضع دقائق لتستعيد أنفاسها. حين بدأنا في الكلام على برلين، المدينة التي تعشق، تأثرت فوراً . ”يعيش عدد كبير من المغتربين الأُستراليين هنا،“ قالت. ”أشعرُ أنني في بلدي.“

انتقلت Blanchett من ثمّ إلى مناقشة حماسية عن فيلم Tàr، حيث تتولى قيادة أوركسترا كاملةً (أو تتظاهر بقيادتها): ”كان الأمر مذهلاً. هزّ كياني الوقوف في تلك المساحة مع هذا العدد الكبير من الموسيقيين.“ قادها ذلك إلى الحديث بتأثر عن العرض الذي دعت إليه National Trust البريطانيين، والذي بُثَّ مباشرةً في عام 2020 خلال الإغلاق الأول في المملكة المتحدة بسبب فيروس كورونا، حيث قام خمسة موسيقيين في مواقع مختلفة بعزف الموسيقى فجراً، وانتقلوا من العزف المنفرد إلى الخماسي. ”استلقيتُ وزوجي هناك - نحن نحيا على تلٍّ نوعٍ ما...“ تقول Blanchett عن مزرعةٍ تملكها في شرق ساسكس (تضم بستاناً حيث تقوم، بطبيعة الحال، بعصر التفاح في وقت فراغها)، تعيش فيها مع زوجها Andrew Upton، الكاتب المسرحي والمخرج، وأولادهما الأربعة. ”شاهدنا بزوغ الفجر يشق السماء بعباءته الحمراء،“، تقول، في اقتباس عن شكسبير، ”مع علمنا أنَّ حوالى 5,000 شخص آخر يستمعون إلى الموسيقى. كانت تلك أجمل هدية أسفر عنها الوباء.“

بعد خمس دقائق، خضنا في موضوع التغير المناخي وشرعت Blanchett في إطلاق النار في كل الاتجاهات. فالموضوع يتناوله الإصدار التالي الذي تؤدي فيه دوراُ رئيساً، Don’t Look Up، وهو فيلم تهكمي لاذع للكاتب والمخرج Adam McKay يتناول فيه قصة عالِمَيْن فلكِيَيْن (يؤدي الدورين Leonardo DiCaprio،وهو من أشد المدافعين عن قضية التغير المناخي، و Jennifer Lawrence) يحاولان تحذير البشرية من اقتراب مذنب سيدمر الأرض. فالجميع، من النقاد الخبراء على الإنترنت مروراً بأصحاب المليارات في مجال التكنولوجيا وصولاً إلى الرؤساء غير الأكفاء، يتعرضون للسخرية في قصة تتحول إلى استعارة واضحة للاحتباس الحراري. تؤدي Blanchett دور مضيفة برنامج حواري تلفزيوني، تظهر فيه نموذجاً للمضيفات المتكلفات مع شعر مصبوغٍ أشقر وأسنان بيض تُصيب بالعمى وبشرةٍ برونزية إلى حدٍّ لا يُصدّق. ”في الواقع، إنها لحظة مقززة عندما تغسل هذا المكياج وترى كل تلك الأوحال والرواسب تتساقط [في البالوعة]،“ كما تذكُر. ”يتطلب هذا الموضوع مواجهةً حقيقية.“
وهي تتحدث صراحةً ومن دون مواربة عن المسائل البيئية التي يتناولها الفيلم. تقول: ” يحاول الجميع أن يكون إيجابياً، ويتحدثون عن احتباس حراري بمعدل 1.5 درجة“. ”لكنَّ درجة 1.5 تظل كارثية. يجب أن نكون خائفين جداً... ونُطالب بالتغيير. يجب أن نتشجع جماعياً كفايةً لمواجهة هذا الخوف والقيام بأمر ما حياله.“ لكنَّ الفيلم، على الرغم من رسالته التي تُنذر بيوم الدينونة، لا يخلو من لحظات مضحكة. ومن المثير رؤية نجوم هوليوديين كثر على الشاشة في الوقت نفسه. يجمع مشهد محوري في غرفة العمليات في البيت الأبيض خمسة فائزين بجائزة أوسكار ومرشح للجائزة: Blanchett، DiCaprio، Lawrence، Meryl Streep (التي تؤدي دور رئيسة عديمة الفائدة بشكلٍ كارثي)، Mark Rylance و Jonah Hill.


كيف كان شعورك بوجودك في تلك الغرفة؟ ”بدا الأمر كأنه عشاء أخير،“ تقول Blanchett، لكنّ هذا التعبير لا ينطبق على طاقة النجوم الموجودين بقدر ما هو مقياس لبروتوكولات كورونا الصارمة التي كانت سارية آنذاك إلى جانب حبكة الفيلم المروعة. ومع ذلك، فهي تعترف بأن ضرب كفها بكف Streep (وهو مدى تفاعلهما على الشاشة) ”كان رائعاً.“ والفيلم التالي الآخر الذي سيُضم إلى سيرة Blanchett الذاتية هو Nightmare Alley للمخرج Guillermo del Toro، وهو فيلم درامي تدور أحداثه في عالم كرنفال متنقل يتبع ”صعود كاذب وسقوطه“، وفق ما قال del Toro. سيرى كثيرون الفيلم (كما Don’t Look Up) أنه رد فعل على حقبة Trump. ”مقتنعة أنا أنَّ شيئاً ما جعل Guillermo يغلي غضباً،“ تقول Blanchett. ”[هذا الفيلم] ليلة مظلمة حقيقية للروح. تُشاهد رجلاً يخالف القواعد، يُفلت من العقاب... ويرفض إظهار الرحمة أو التعاطف.“
قال McKay إنَّ فيلم Don’t Look Up مستوحى من سلسلة من ”الرؤساء الكارثيين.“ وتُشير Blanchett إلى قادةٍ شعبويين آخرين، مشددةً على الجامع المشترك بينهم. ”آمل أنْ تكون هذه رقصة الأرواح الأخيرة ونهاية سيطرة الرجل الأبيض،“ كما تقول. ”هم يدركون أنهم على وشك الانقراض وهم مرعوبون. نشاهدهم على فراش الموت يتألمون ويلفظون أنفاسهم الأخيرة، ولهذا السبب هم عدوانيون ومدمرون جداً.“ سألتُها في ما لو، على عكس ذلك، عاود هؤلاء القادة الظهور. ردت بانفعال: ”لهذا السبب يجب على الناس التصويت“. ”وممارسة سلطتهم. أبدو كأنني في برنامج تلفزيوني، والأمر لا يهمني، ولكنْ من المهم ألاَّ نستسلم. لن أتخلى عن الأمل. وكما أقول لأطفالي [عن تغير المناخ]، إذا كنا سننجو، كيف سنختار النجاة؟ من المروع أن تجري هذه المحاثة مع طفلك البالغ الثالثة عشرة، أليس كذلك؟ ولكنْ، على أي حال. نضحك كثيراً حول طاولة العشاء. وهذا ما يميز فيلم Adam. عليكِ أن تضحك.“


من المفهوم أنَّ Blanchett تفضّل مناقشة أعمالها وألاَّ تتناول المواضيع السياسية. ”لا يعني ذلك أنني لا أهتم بالتحريض والدعاية [أو] إخبار الناس بما يجب أن يفكروا،” تقول. فهي تنجذب إلى الأفلام التي ”تطرح أسئلة استفزازية“ ولا تخشى تبني القضايا التي تؤمن بها، مثل جائزة Earthshot التي أطلقها الأمير ويليام وتقدمها المؤسسة الملكية إلى مساهمين في حماية البيئة. وهي تدرك أيضاً مدى صعوبة التحدث بصراحة في الأماكن العامة. ”يجب أن تكون حكيماً،“، تقول. ”طلب مني البعض القيام بأمور وأجبت، ’أظن أنني سأشكّل عبئاً‘.“ وهي تُقر بأن وجودها يمكن أن يعرقل نقاشاً ما، لأنَّ التركيز سينصب عليها بدلاً من القضايا المطروحة.
وهي ترى أيضاً كيف أصبح الخطاب العام مستقطباً - وغارقاً في تسجيل النقاط. ”أشعر بالحزن لفقداننا النقاش الحقيقي،“ تقول، ”حيث يحاول القادة والمفكرون والمواطنون العاديون إيجاد أرضية مشتركة، ويحاولون فهم القضية، بدلاً من محاولة الفوز... حتى في التمثيل، يتحدث الناس عن [الطريقة] التي سيُحقق فيها المشهد ’الفوز‘. لا، علينا أن نجعل المشهد ينبض بالحياة. وقد نُضطر إلى أن نخسر قليلاً هنا، ونفوز قليلاً هناك.“

نظراً إلى الطريقة التي تزيد فيها وسائل التواصل حدة الجدل، أتساءل إلى أي حد تطرح هذا الموضوع في المحادثات مع أولادها، Dashiell (19)، Roman (17)، Ignatius (13) و Edith (ستة أعوام) [التحقق من الأعمار مع Ajesh] . ”نتحدث في الأمر كثيراً،“ تُجيب. ”لأن الكثير مما يسمى معلوماتنا يصل إلينا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. أبلغُ ما يكفي من العمر لأكون قد تعلمت في المدرسة ما هي المصادر الأول والثاني والثالث. أسأل الأولاد عندما يذكرون أمراً ما، ’أين قرأتموه؟ من قام [بتوثيق] ذلك؟ عليكم أن تتعلموا كيف تقرأون صورة ومقالةً. وإذا أردتم مشاركة شيء ما ونشره، فمن الأفضل أن تتأكدوا أنكم تحققتم من المصادر.“ لا يُعجبهم كلامي بالطبع. ولكن، عندما تسمعهم يتحدثون مع أصدقائهم، تُدرك أنهم على قدر المسؤولية. يدرس ابني الفيزياء والفلسفة، لذا من المثير للاهتمام التحدث معه عن [التكنولوجيا]. لا أريد أن يخلق فارق العمر هوةً بيننا أو أن أبدو من جيل متخلف، لأنني أشعر بالمسؤولية أيضاً عن العالم الذي سيعيش فيه كشخص بالغ.“
قبل أن ننتقل إلى مواضيع أقل دسامة، لدي سؤال ذو أهمية حيوية وعالمية أود أن أطرحه: ماذا فعلت Blanchett عندما وصفتها Adele أنها ’نموذجها المثالي في الأناقة‘ في مقابلةٍ أجريت معها أخيراً لمجلة Vogue؟ تضحك الممثلة. ”فرحتُ جداً! أعتقد أنها مذهلة. وواقعية وبسيطة جداً. تقاطع مسارانا عندما قامت بجولة غنائية في أستراليا.“

أما بالنسبة إلى أيقونات الموضة التي تحتذي هي أناقتهن، تذكر Blanchett سيدة الأعمال والعارضة السابقة الأمريكية Iris Apfel والكاتبة الأميركية Fran Lebowitz. ويعود اهتمامها بالموضة إلى سنواتها الأولى وأيام اللعب مع أختها حين كانتا تتهندمان بأجمل الأزياء: ”كانت أُختي تُلبسني زياً معيناً وعليّ أن أؤدي الدور الذي يوحي لي به،“ تتذكر.
ويبدو جلياً أنها لم تفقد شهيتها لألعاب الطفولة لأنني عندما طلبتُ منها تسمية الدور الذي استمتعت بأدائه في مسيرتها المهنية اللامعة، لم تكن الدراما التاريخية أو الملاحم الخيالية أو أفلام الحركة هي أول ما تبادر إلى ذهنها. بل تقليد ”صوت قرد“ في الفيلم الذي سيصدر قريباً والمقتبس عن قصة Pinocchio من إخراج Guillermo del Toro. ”كان الأمر ممتعاً ومضحكاً،“ تقول. ”استمعتُ إلى أصوات شمبانزي كثيرة ثم حاولت تقليدها كلها. تعود إلى سن السادسة. أعني، لدي طفلة تبلغ من العمر ستة أعوام، لذا تدربتُ معها أيضاً على الدور قليلاً.“ لا بد أن ابنتكِ استمتعت بالأمر كثيراً. ” في الحقيقة، سئمت سريعاً من ضوضائي،“ تجيب Blanchett مبتسمةً. ”آمل ألاَّ يفعل الجمهور ذلك.“ كأننا يمكننا أن نفعل.
تصوير Tom Craig Styling Natasha Wray

لمَ تُعتبر مجوهرات الأحجار الكريستالية هدايا مثالية
