


بين الحزن والأمل، تستعد Jessie Cave للعام الجديد
مع حلول العام الجديد، تتأمل الكاتبة والرسامة JESSIE CAVE في الفقد والخسارة، وحزننا الجماعي العام الماضي، وإيجاد ما يشبه الأمل في بداياتٍ جديدة

جلستُ لكتابة هذه الكلمات في مزاج سيء. شغّلت جهاز التلفزيون في الخلفية حيث بدأ عرض مسلسل Selling Sunset على أمل أنْ تهدّئ من روعي بعض الباحثات عن العقارات من ذوات الكعب العالي. أطفالي - بمن فيهم الرضيع الذي نادراً ما ينام أكثر من ساعة - نائمون، أو أقلّه، يتظاهرون بالنوم. يكونون أحياناً متعاطفين إلى حدٍّ مخيف، ويمكنهم تحسس حاجتي إلى الهدوء في الوقت الذي يحتاجون فيه إلى لعب الكرة.
أشعر أنني لم أكن في حالة جيدة بأي حال من الأحوال اليوم. لم أبدِ لطفاً، لقد حزنت، وشعرت بالأسف على نفسي. لطالما كانت الكتابة علاجي الشافي، وأكتب عادةً في دفتر مذكراتي كل يوم. تتدفق الكلمات في معظم الأيام بسهولة تامة. أدوّن الأمور الرائعة التي قالها أطفالي خلال النهار، خصوصاً اللحظات الحلوة والمضحكة، وأجهز نفسي لكتابتها في اللحظة التي أستطيع فيها القيام بذلك. أؤمن بقوة أنَّ الكلمات التي تفوهوا بها يجب ألاَّ تنسى، ولا يمكن اعتبار أي شيء يتعلق بالحياة أمراً مفروغاً منه. لكنني بدأت أتقبل فكرة أن بعض الأيام بغيضة، وحتى لو قيلت عبارات رائعة، لستُ بحاجةٍ إلى تدوينها. في بعض الأيام، يكون مقبولاً التذمر من الأمور التافهة وغير المهمة، وتفجير المشاعر بشكلٍ غير متناسب ومن دون سبب، والغرق في الفوضى.
لقد كان عام 2020 عامَ حزنٍ جماعي هائل لنا جميعاً. حزنٌ على حيواتنا التي لم نكن نعيشها، حزنٌ على أحبة لم نعد نراهم، حزنٌ على حياةٍ كنا نحياها، وفقدناها - وحتى لو مؤقتاً. فجأةً، تحدّد الزمن بـ «ما قبل» و «ما بعد»، وصار الجميع يفهم معنى ذلك. لأنَّ الحزن، عادةً، تحياه بشكلٍ فردي. لا يمكنك مشاركة أفكارك السوداء مع الجميع لأنك تعلم أن الأمر يُشبه الصراخ في الفراغ إذا لم يتعرضوا للخسارة. لم يعد بإمكانك التواصل مع المحظوظين الذين نجوا من قساوة موت أحد أحبتهم، لأنهم - بكل بساطة - لن يفهموا ما تعاني منه، بغض النظر عن مدى تعاطفهم معك كبشر.
لقد هشّم فقدان أختي إحساسي بالواقع، وحطم فوراً آمالي بالمستقبل. توقفتُ عن الحلم. انتهى زمن «الما قبل» بالنسبة إليّ وصرت في «الما بعد» حيث بدا كل شيء مدمَّراً. كان التمسك بإبداعي الأمر الوحيد الذي يمكنني القيام به للشعور بتحسن؛ حاولتُ الاستمرار في الابتكار. قد يُعّد استخدام تجاربك المؤلمة لابتكار عملٍ فني أمراً مروعاً وفظاً، لكنه أفضل قليلاً من الانصياع للجنون. ويمكن للعمل الذي أبتكرُهُ مساعدة أحد ما؛ قد يتردد صداه لدى شخص أو شخصين من غير المحظوظين الذين وجدوا أنفسهم كذلك في حفرة اليأس، غصباً عنهم.
لقد كتبتُ روايتي الأولى، Sunset، عقبَ المأساة مباشرةً. وهي تتعلق بأسوأ أمرٍ يمكن تخيله يحدث لأختين، أفضل صديقتين. إنها مستوحاة إلى حدٍّ كبير من علاقتي مع أختي Bebe. بشكلٍ مثير للعجب تماماً، كتبتها لها، كطريقتي لأظهر لها كَمْ أحبها ومقدار النور الذي أشرق في حياتي منذ اللحظة التي وُلِدَت فيها. لكنّ رواية Sunset هي كتاب حزين وثقيل جداً، من دون أدنى شك. لا أستطيع أن أُحصي عدد الرسائل المباشرة التي تلقيتها على الهاتف من أشخاص يخبرونني أنني أبكيتهم خلال العطلة. كما تلقيتُ قصصاً محزنة كثيرة من أشخاصٍ فقدوا إخوتهم. جعلتني هذه الرسائل أشعر في آن بالأسى لحالهم وبالارتياح لأنَّ أحداً ما في مكان ما ’تلقف‘ شعوري.
الموت تجربةٌ مروعة. لا يمكن أن يكون غير ذلك. أمدني تأليف هذا الكتاب بالتوازن والتركيز عندما كنت في قبضة الصدمة. عندما أعدتُ صياغته وصححته بعد أشهر، شعرتُ كأنّ شخصاً آخر كتبه، وأحسستُ بالسعادة لامتلاكي أدلة عمّا كان يجول في بالي وقلبي خلال ذلك الوقت. قد يكون من نسج الخيال، لكنه مستمد من الحقيقة. إنه يفضح مشاعري، لكنني لا أشعر بالخجل حيال أي شيء كتبته. في الغالب، أنا ممتنة لأنني امتلكت القدرة على فتح ملف وورد وحفظ ما كتبت في كل مرة.
سيستيقظ طفلي بعد 20 دقيقة تقريباً أو سينزل ابني البالغ من العمر سبعة أعوام على الدرج ويقول إنه مستيقظ يلعب بالمصباح اليدوي منذ ساعتين وإنه آسف. سأجيبه أن لا بأس بذلك وكل شيء على ما يرام ويشاهد معي Selling Sunset، مع أنه ليس مسلسلاً مثالياً لطفل في سنه، لكنّه يفي بالغرض الليلة.
لقد شاهدتُ بنهم المواسم الثلاثة الأولى خلال فترة الإغلاق العام الماضي، وكنتُ حاملاً وخائفة من إنجاب طفل في عز الجائحة، بينما أضع اللمسات الأخيرة على كتابي. يبدو غريباً أنَّ مسلسلات جديدة تُعرض على شاشاتنا، وأن طفلي أتمّ عامه الأول، وأن الحياة استمرت على الرغم من شعورنا لفترة طويلة أنَّ كل شيء في حالة توقف مؤقت. سآخذ نفساً عميقاً قبل الضغط على زر التشغيل، لأنني لا أريد أن أتذكر تلك الفترة لأنها كانت صعبة. لكنني سأضغط على زر التشغيل. وسأستمتع بمشاهدة الحلقة (وسأكون سعيدةً لأنَّ لديهم سمسارة عقارات جديدة تتحدث عن الحزن وسط مشاهد المنازل الضخمة الفاخرة مع أحواض السباحة) وسأفرح لرؤية وجوههم مجدداً وأُروِّح عن نفسي.
سأرزق بطفلٍ جديد في عام 2022 وسيأتي إلى عالمٍ يعيش وسط الجائحة، ولا يزال مخيفاً. ومع ذلك، إلى جانب الحزن الجماعي، يسود اعتقاد جماعي بأن الأمور ستتحسن ويؤججنا الحماس لما يمكننا تحقيقه. أريدُ محاولةَ أن أكون ألطف مع نفسي في العام المقبل والسماح لها بعيش أيامٍ مثل هذا اليوم. قد نمرّ بأيام بغيضة، لكننا سنعيش أيضاً أياماً رائعة. آمل أن أتمكن من الهروب إلى عالمٍ خيالي أكثر، بدلاً من استقاء الوحي من حياتي فحسب. لكنني سأحاول، أكثر من أي أمرٍ آخر، أن أشرّع أبوابي مجدداً للأمل.
تصوير Tamara Lichtenstein / Trunk Archive

4 من أبرز صيحات المجوهرات التي لا بد من معرفتها لعام 2022
